الملخص
أدى انهيار الاتحاد السوفييتي مع نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، وتحديداً عام 1989، إثر سقوط جدار برلين، إلى إحداث تغيّرات جذرية في شكل النظام الدولي الذي كان قائماً على ما عرف باسم عصر “الثنائية القطبية”، بين المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفييتي، والمعسكر الغربي بزعامة الولايات المتحدة الأميركية. إلا أنه بسقوط أحد القطبين، دخل العالم مرحلة جديدة، بولادة نظام دولي يختلف عن سابقه، تتفرد فيه الولايات المتحدة الأميركية في قيادته، عرف بعصر “الأحادية القطبية”.
تسببت تلك التغيّرات في بروز محاولات من قبل منظري العلاقات الدولية لإعادة صياغة مفهوم “الفوضى” تماشياً مع التطورات الحاصلة في عالم ما بعد الحرب الباردة، من خلال مراجعة نقدية لأطروحاتهم الفكرية والتحليلية، لما لهذا المفهوم من أهمية كبيرة في تفسير وفهم السياسة الدولية، إذ يعتبر من المفاهيم الأساسية في حقل العلاقات الدولية.
على ضوء ذلك، تسعى هذه الورقة للبحث في مفهوم الفوضى والنظام الدولي بعد انتهاء الحرب الباردة، وخاصة عند كل من المفكريْن الأميركييْن ريتشارد هاس وهنري كيسنجر، من خلال تسليط الضوء على أعمالهما الأخيرة، فقد قدم كل منهما أطروحات مختلفة حول الفوضى وأسبابها وكيفية معالجتها، من خلال تقديم شكل جديد للنظام الدولي بعد نظام أحادي القطبية.
توصلت هذه الورقة إلى أن النظام الدولي، حسب هاس وكيسنجر، لا يمكن أن يستقر بمعزل عن الولايات المتحدة، وفي حال فشلها في الحد من الاضطرابات، فإن فوضوية النظام الدولي وأزماته ستكون بازدياد، أي أن هناك ربطاً لمصير النظام الدولي ما بعد أحادي القطبية بمدى قدرة أميركا على الاستجابة، وذلك بهدف تأكيد سطوة الرؤية الأميركية على العالم.
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.