محاضرة عامة بعنوان العلاقات الإسرائيلية الأمريكية: هل اسرائيل حليف ناكر للجميل؟

 

استضاف معهد إبراهيم أبو لغد للدراسات الدولية يوم الأربعاء الموافق 12 آذار 2014 السفير والدبلوماسي الفلسطيني د. عفيف صافية، وذلك لإلقاء محاضرة ضمن سلسلة لقاءات الدبلوماسية، والتي يعقدها المعهد لطلبته وللمهتمين في الشؤون الدبلوماسية. ناقش خلالها د. صافية موضوع العلاقات الاسرائيلية- الأمريكية. مستهلاً حديثه بالإشادة بالدور الذي يلعبه الطلبة في المجتمع وفي عبء حمل الهم الوطني عبر التاريخ.

أشار د. صافية في البداية إلى أن النكبة هي ليست حدث انقضى عام 1948، وإنما النكبة هي حدث مستمر حتى اليوم. محاولاً تشخيص الوضع الفلسطيني الراهن، وإبراز المصاعب التي يواجهها الفلسطينييون في غزة، والقدس والضفة، وكذلك في الدول المضيفة تحديداً في سوريا، والتي يعاني فيها الفلسطينيون القتل والتشريد بشكل يومي. كما أشار إلى أن سبب تميّز اليهود هو، كما يقول جان بول سارتر، معاداة السامية والاضطهاد، وهو الشيء الذي دفعهم إلى العمل والنجاح والتميّز. منوهاً إلى ضرورة الاستفادة فلسطينياً من خبرة اليهود في توظيف الاضطهاد الذي عانوه لتحقيق التماسك الاجتماعي والوطني.

أشار د. صافية إلى أن هدف السياسة الإسرائيلية هو الحصول على أكبر قدر ممكن من الأرض مع أقل كمية ممكنة من السكان. مشيراً إلى أن السنوات العشرين من محاولة صنع السلام كانت فترة للتوسع الاستيطاني الإسرائيلي. في حين التزم الجانب الفلسطيني بكل التزاماته تجاه المجتمع الدولي، ولكن هل التزم المجتمع الدولي بالتزاماته تجاه الفلسطينيين وهذا هو التحدي الكبير. كما أشار إلى أن المأزق الدبلوماسي الحقيقي لا يعود إلى الرفض العربي لوجود اسرائيل، وإنما للرفض الإسرائيلي لما أبداه العرب من قبول لهم، وذلك لأن الجانب الإسرائيلي غير مستعد للانسحاب من الأراضي الفلسطينية وإنهاء الاحتلال. وعلى العالم أن يفهم بأن اسرائيل هي العائق الحقيقي لعملية سلام ناجحة. منوهاً إلى أن ما نحتاجه حالياً ليس عملية سلام وإنما ممارسة ضغوط من قبل المجتمع الدولي على الجانب الإسرائيلي.

كما أضاف د. صافية بأنه لا بد من إعادة تقديم بعض عناصر التاريخ التي لم يتم تسليط الضوء عليها من أجل تحقيق فهم شامل للأمور. منوهاً إلى أن هنالك تحول حصل في النظرة الأمريكية للشرق الأوسط بعد اغتيال الرئيس كينيدي. أما الاستراتيجية العربية منذ العام 1967 حتى الآن فقد عرفت بأنها سياسة انتظار لرئيس أمريكي قد يقوم بإجبار اسرائيل على الانسحاب من الأراضي الفلسطينية، كما عمل الرئيس الأمريكي روزفلت خلال العدوان الثلاثي (اسرائيل، فرنسا، بريطانيا) على مصر حيث قام روزفلت بالاتصال على بن غوريون وأمره بالإنسحاب، وهذا ما حصل.

وفي حديثه حول إدارة الرئيس أوباما، أشار د. صافية، إلى أن أوباما في ولايته الأولى قام بالعديد من الأمور الهامة التي يجب تذكرها لكي نعطي تقييم موضوعي للأمور. فقد كان الاتصال الهاتفي الاول الذي قام به أوباما عندما تم تنصيبه كان مع الرئيس محمود عباس؛ وأول قرار اتخذه في الشؤون الدولية كان تعيين جورج ميتشل كمبعوث الرئاسة الأمريكية إلى فلسطين؛ إضافة إلى الزيارة لاسطنبول والقاهرة والتي ألقى فيها خطابات رائعة حول ضرورة نسج علاقات جديدة مع الدول العربية والإسلامية. وفي حديثه عن عملية السلام أشار إلى ضرورة توقف اسرائيل عن بناء المستوطنات.

أما عن الولاية الثانية لأوباما، فقد ارتكب خلالها الرئيس الأمريكي عدداً من الأخطاء كان من أهمها عدم قدرة أوباما على قراءة التغيرات التي طرأت على المجتمع اليهودي في أمريكا، مشيراً إلى أن جزء كبير من المجتمع اليهوددي في الولايات المتحدة يعارض الإجراءات الإسرائيلية. كما أن أوباما لم يأخذ في حسبانه بأنه وعلى الرغم من الدعم الاسرائيلي لخصمه رومني، إلا أن ما يقارب ال 70 % من الشعب الأمريكي صوّت للديموقراطين ولأوباما، وكان الأجدر به بعد هذه الحادثه أخذ موقف شجاع ومواجهة ذلك اللوبي الإسرائيلي؛ والذي نجح في مواجهته في قضايا مثل ضرب إيران، وسوريا، والتي كان يرغب اللوبي الاسرائيلي بأن تقوم أمريكا بمهمة مهاجمتهم عوضاً عن إسرائيل (بالتحديد إيران).

كما أشار إلى وجود مدرستين فكريتين لتحليل العلاقة الأمريكية الإسرائيلية؛ الأولى تقول بأن القوة العظمى تفرض سياستها على حليفها الاقليمي بما يتلاءم مع التطلعات الدولية للقوة العظمى، وهذا ما يتبناه نعوم جومسكي. أما المدرسة الفكرية الثانية فتقول بالعكس، أن أمريكا تتبنى الاستراتيجية الإسرائيلية وتوائمها مع سياساتها، وبالتالي فالإدارة الامريكية لا تتبع سياسة تعبر بالضرورة عن رغباتها وحاجاتها. مشيراً إلى أن الولايات المتحدة اقترحت بأن تدخل اسرائيل في حلف الناتو، ولكن اسرائيل رفضت ذلك لأن هذا الموضوع يعمل على تقييدها. أما الفلسطينييون، فعليهم أن ينتصروا في المعركة في واشنطن، وهذا الأمر ممكن ولكن بحاجة لعمل جاد من طرف الفلسطينيين.