أوضح د. بيك التوجه الأوروبي تجاه الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الثانية، والذي كان ينظر إليه على أنه قوة امبريالية حتى الخمسينات والستينات. وبعد الحرب العالمية الثانية شهد دور أوروبا كقوة إمبريالية تغيراً جذرياً. فعلى سبيل المثال، خلال أزمة السويس عام 1956 (والتي تعرف أيضاً باسم العدوان الثلاثي) عندما قامت كل من فرنسا وبريطانيا وإسرائيل بغزو مصر، انتهت الحرب بتدخل القوى العظمي الجديدة – الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي– مما أضعف كل من فرنسا وبريطانيا. وفي السبعينات، رعت الولايات المتحدة عملية السلام بين إسرائيل ومصر فيما عرف باتفاقيات كامب ديفيد، والتي يرى د. بيك أن لها أثراً كبيراً في إنهاء حالة الصراع التي كانت بين الشرق والغرب. وفي هذا الوقت، كانت إسرائيل حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة وكانت تحصل على الدعم الأمريكي العسكري والمالي. وهكذا بدأت أوروبا تركز على مفهوم القوة الناعمة، فمثلاً عند إعلان مؤتمر البندقية عام 1980، عبر الأوروبيون عن أن منظمة التحرير الفلسطينية يجب أن تكون ضمن مفاوضات السلام ونادوا بحق الفلسطينيين في تقرير المصير.
ثم شرح الضيف لِم لم تتوافق سياسات الاتحاد الأوروبي تجاه الشرق الأوسط مع مفاهيم القوة المدنية حتى بداية الربيع العربي. فمنذ هزيمة الأوروبيين خلال العدوان الثلاثي عام 1956، أصبح الاتحاد الأوروبي مهتماً أكثر بمشاكله الداخلية. كما أشار إلى أن الأوروبيين لم يكونوا مستعدين للتعامل مع الربيع العربي. وأكد على أن الاتحاد الأوروبي سيعمل على تحسين دوره كقوة مدنية في ضوء الربيع العربي، خصوصاً مع تراجع الدور الأمريكي في الشرق الأوسط. إلا أن تحول الشعوب العربية للديمقراطية لا بد أن يمر بعملية انتقال، وهي عملية صعبة وطويلة بطبيعة الحال. وفي نهاية محاضرته قدم د. بيك مؤشرات على أن الاتحاد الأوروبي سيفشل بلعب دور القوة المدنية في الشرق الأوسط وذلك بسبب عدم وجود التزام حقيقي بالاعتراف بالحكومات الإسلامية، والفشل بالاعتراف بفلسطين كدولة، وبسبب المشاكل العالقة منذ الماضي.