عقد معهد إبراهيم أبو لغد للدراسات الدولية يوم الاثنين 13 تشرين الأول 2025 ندوة بعنوان "مناهضة التطبيع في المغرب: بين النضال الشعبي والتحولات الإقليمية"، تحدث فيها كل من أستاذ علوم الفيزياء معاد الجحري، الباحث في الاقتصاد وعلم الاجتماع عبد اللطيف زروال، والباحثة في علم الاجتماع صوريا الكحلاوي. وتأتي الندوة ضمن سلسلة ندوات ينظمها معهد إبراهيم أبو لغد للدراسات الدولية بعنوان "فلسطين: البوصلة والتاريخ في قلب التحولات العالمي".
بدأت المداخلات مع الأستاذ معاد الجحري، الذي تناول مفهوم التطبيع، وأوضح أن العلاقة بين المغرب والكيان الصهيوني كانت قائمة في السرّ والعلن منذ عقود، حتى وإن لم تكن دائمًا رسمية، وأشار إلى أن أول تطبيع رسمي بعد اتفاقية أوسلو عام 1994، والذي تم إسقاطه عام 2000 نتيجة الضغط الشعبي المغربي وتضامنه الواسع مع فلسطين. وأضاف أن عام 2022 شهد تطورًا كبيرًا في مسار التطبيع من خلال تحالف شامل في المجالات العسكرية والأمنية والدينية توأمة المدن. كما تحدث عن التطبيع غير الرسمي الذي يشمل التعاون في الزراعة والصناعة والاقتصاد والسياسة. وتناول الجحري مفهوم "التطبيع التربوي" باعتباره أخطر أشكال التطبيع، إذ يسعى إلى صهر الوعي وتحويل الهوية في استهداف مباشر للشعب الفلسطيني الرافض للاستسلام. كما اعتبر الجحري أن التطبيع هو اعتراف بالنكبة وبالسردية الصهيونية، مشيرًا إلى أن أهم إطار لمناهضة التطبيع في المغرب هو الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، التي تضم 29 مكونًا وتأسست على إثر حركة التضامن الشعبي مع الشعب الفلسطيني
بعد ذلك، قدّم الأستاذ عبد اللطيف زروال مداخلته حول الاقتصاد السياسي للتطبيع في المغرب، موضحًا أن الترابط بين المغرب والكيان الإسرائيلي يشكّل جزءًا من تحول أوسع في بنية الاقتصاد السياسي في المنطقة، مشيرًا إلى الاتفاق الثلاثي بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل والمغرب، موضحًا أن العلاقات الاقتصادية بين المغرب والكيان ليست جديدة، خصوصًا في القطاعين الزراعي والصناعي، حيث يستثمر رأس مال صهيوني في بعض المشاريع. كما تطرق إلى اتفاقيات الري والتبادل التجاري ودور شبكات رجال الأعمال في ترسيخ هذا التعاون، معتبرًا أن الاتفاقيات الإبراهيمية تمثل محاولة لإعادة هيكلة الاقتصاد السياسي الإقليمي حول رأس مال خليجي مدمج بالسياسات النيوليبرالية.
أما الدكتورة صوريا الكحلاوي، فقد تناولت الجانب الثقافي والاجتماعي لمناهضة التطبيع، مسلّطة الضوء على المبادرات الشبابية في المغرب الهادفة إلى فتح فضاءات للنقاش حول القضية الفلسطينية، خاصة في ظل الإبادة. ومن بين هذه المبادرات، عين على فلسطين: تجمع شبابي يسعى لخلق نقاش مفتوح حول ما يجري في فلسطين، ومبادرة روايات أخرى والتي تسعى إلى تعزيز الوعي السياسي والثقافي بالقضية الفلسطينية ومناهضة التطبيع الأكاديمي داخل الجامعات المغربية.
اختُتمت الندوة بفتح باب النقاش أمام الحضور، حيث طرحت مجموعة من الأسئلة والتعليقات التي أجاب عنها المتحدثون، مؤكدين على أن مناهضة التطبيع هي جزء من نضال شعبي عربي شامل يسعى إلى عزل الكيان الصهيوني، وتعزيز الجهود المناصرة للقضية الفلسطيني إقليميًأ وعالميًا.
