السكان السود في المنطقة المغاربة وعوائق الاندماج : الجزائر نموذجا

 

شكلت مرحلة تحريم العبودية مرحلة مهمة في الاندماج لدى المجتمعات الجديدة التي ستنتمي إليها. لكن إلى أي مدي استطاع هؤلاء السود في شمال أفريقيا، الجزائر، على وجه الخصوص، تشكيل هوية خاصة بهم أو البروز كجزء من هوية البلد الذي سيشكل بدءا من العام 1962 الوطن الجديد الذي سينتمون إليه.

ساعد منع العبودية على تكوين أقلية داخل المجتمع الجزائري، حيث لم يكن بالإمكان اعتبار العبيد (لحظة إحضارهم) أو السود (لحظة تحريرهم لاحقا) جزء من المجتمع الذي يعيشون فيه، حيث علاقتهم بالمكان كانت مرتبطة دائما بالسيد. لا شك أن المجتمع " الجزائري" بعناصره المحلية والأجنبية "الغربية" لعب دورا في التهميش الذي عاشه السود في الجزائر. هذا التهميش استمر طوال فترة الاستعمار الفرنسي لمرحلة ما بعد العبودية. لكنه لم يتوقف عند هذا فحسب بل عل العكس زاد التهميش والإقصاء - ربما غير المقصود- للجزائريين السود خلال فترة التحرر الوطني وفترة ما بعد الاستقلال.

تحاول الورقة البحثية دراسة مدى نجاح سياسة ما بعد الاستقلال في اعتبار السود جزء من هوية الجزائر المستقلة مثلهم مثل الأوروبيين –قدامى المستوطنين- الذين اختاروا الجزائر وطنا لهم تحت سلطة الدولة الجزائرية. ودراسة تطور مفهوم "الأسود" في المجتمعات الشمال أفريقية زمن الاحتلال وكيف كانت النظرة إليهم في سنوات بعد الاستقلال؟

إلى أي مدى يعتبر المجتمع الأسود مسئولا عن التقوقع الذي عاشه السود قبل وبعد التحرر الجزائري؟ قبل وبعد تشكل الهوية الجزائرية، حيث الإقامة في مناطق قريبة من الأصول الأفريقية لهؤلاء مع البقاء ضمن الحدود الجزائرية. فاتخذوا من الجنوب الجزائري مكانا لهم حيث شهدت المناطق الساحلية والشمالية للجزائر هجرة كبيرة نحو الجنوب الجزائري. هل كانت هناك سياسة وراء رحيل الأفارقة السود من الجزائر نحو مناطق نائية في الجنوب، أم أن الهجرة هذه جاءت للحفاظ على الهوية الأفريقية في جزائر ما بعد الاستقلال؟

ما هي العوامل التي جعلت من إدماج السكان السود في المجتمع الجزائري أمرا صعبا، بالرغم من أن قيادات الحركة الوطنية الجزائرية شددت على المساواة وعدم التفريق بين الجزائريين بغطي النظر عن الأصول وفروق اللون والجنس. وهناك قوانين شديدة وواضحة لمكافحة العنصرية. بالرغم من أن لا عنصرية من قبل الدولة الرسمية، إلا أن أي من المناصب الرفيعة في الدولة، لصناعة القرار لم يتبوأها أي جزائري أسود.

لا يخلو أي بلد عربي من وجود جماعة أو أقلية سوداء كجزء من التركيبة السكانية. لكن السؤال المطروح هنا، إلى أي مدى يشكل هؤلاء جزء من الهوية الوطنية للبلد الذي ينتمون إليه، ثقافيا سياسيا علميا رياضيا... الخ، بعد تبني بعض الدول الشمال افريقية للثقافة السوداء على اعتبار أنها جزء من تاريخ البلد – الغناوة في المغرب والجزائر.

Date: 
الخميس, مايو 24, 2012 - 10